تعليم الطفل مبكراً ( 3 من 4 )
المواليد وحاسة البصر
تنضج الدوائر الحسية لدى الأطفال فالقشرة البصرية تمر بفترة نشاط قوي بين 2-4 شهور وفي الفترة التي يبدأ فيها الطفل في التحديق فيما حوله وكأنه يتشرب المعلومات البصرية.
فإذا فات الرضيع هذه الفترة من التعلم البصري فلن يتعلم أبداً أن يرى، وكان الدرس مفيداً للأطفال المولودين بالكتاراكت المياه البيضاء، حيث كان الأطباء ينتظرون لفترة حتى يشتد عوده ثم يقومون بإزالة المياه البيضاء ولكن يبقى الطفل أعمى للأبد، ولكن الآن يقوم الأطباء بإزالة الكتاراكت بأسرع ما يمكن قبل أن يبرمج المخ دون تعلم حاسة البصر.
وتنضج بين 6-12 شهراً، تلك الأجزاء من المخ التي تسجل وتتفاعل مع البيئة المحيطة- قبل زيادة القلق إلى معدل كبير وتقوم القشرة السمعية بنشاط قوي وارتباطات جديدة هائلة من الميلاد حتى سن 10 سنوات وترتبط بالقدرة على السمع والكلام وتعلم اللغة، فالطفل الذي ينشأ في البرية دون أي احتكاك بالبشر يسمى الطفل الوحشي ونادراً ما يتعلم الكلام إذا لم يمر بخبرات لغوية قبل سن العاشرة.
الفترات المميزة في حياة الطفل
وما زال علماء الأعصاب يبدؤون في تخطيط مناطق المخ التي تنغلق أمام أنواع التعلم الأكثر تعقيداً وفي أي وقت يتم فيه ذلك، ولكن علماء النفس والسلوكيين والآباء الحاذقين قد لاحظوا أن هناك فترات مميزة في حياة الطفل يكون أكثر استعداداً لتعلم المهارات الجديدة، فمثلاً: تشير كثير من الدلائل إلى أن تعلم عزف الآلات الموسيقية يكون أكثر سهولة من عمر 3-10 سنوات الأطفال الذين يتعلمون خلال هذه الفترة – يكون أداؤهم أفضل كثيراً من أولئك الذين بدؤوا في وقت متأخر وعدد قليل من الموسيقيين الذين وصلوا إلى مستوى الاحتراف بدؤوا في سن المراهقة أو بعدها.
نظرية الياباني سوزوكي SUZUKI
ويعتقد عازف الكمان الياباني الراحل
Shin, ichi Suzuki أن الأطفال الصغار يستطيعون تعلم الموسيقى مبكراً في نفس وقت تعلم اللغة من خلال الاستماع والتكرار- وقد ابتكر أسلوباً لتعليم الصغار العزف على الآلات الصغيرة بمجرد ما يستطيعون إمساكها!
ويساعد الآباء بإيجابية هذا النظام فيشغل الأب مثلاً موسيقى رقيقة عند مهد الطفل ويركز كثيراً على العزف السماعي فالطفل لا يتعلم قراءة الموسيقى إلا بعد عدة سنوات! وقد انتقد هذا الاتجاه عند بداية ظهوره في الخمسينات إلا أنه كان له أثر لا يمحى على تعليم الموسيقى فأكثر من 300.000 طفل في 24 دولة يتعلمون الموسيقى على طريقة Suzuki وأصبح طبيعياً أن يبدأ الطفل دروس الموسيقى بين الثالثة والرابعة بينما كان في الماضي يبدأ في العاشرة أو الثانية عشر وهناك أدلة كثيرة تؤيد مبدأ وجود الفترات الخصبة لتعلم الموسيقى في السنوات الأولى – بدأ د. Chugani بدارسة البيانو مع ابنته عندما كان في العشرينات من عمره وكان عمرها أربع سنوات وتلقيا الدروس في نفس الوقت ومع نفس المعلم وقاموا بنفس القدر من التدريب ولكنها تقدمت كثيراً عنه- ويقول: أستطيع اليوم عزف الجيتار أفضل من البيانو رغم أنه مارس عزف الجيتار فترة قصيرة من حياته وتركها سنوات طويلة فقد غرست القدرة على عزف الجيتار في مخه عندما كان صغيراً بينما لم يحدث ذلك مع البيانو.
هل يمكن للموسيقى أن ترفع قدرات الطفل العقلية في مجالات أخرى؟!
أثار Gordon Show – أخصائي الفيزياء النظرية في جامعة كاليفورنيا- ضجة بنظريته التي تقول بأن التعلم المبكر للموسيقى يزيد قدرة المخ على تكوين نماذج والتعامل مع منطقة التخيل الفراغي- وسمى ذلك تأثير Mozart وأوضحت الدراسات على طلبة الجامعة أن هؤلاء الذين استمعوا إلى موسيقى Mozart استطاعوا حل الألغاز الورقية أفضل من المجموعة الضابطة- ولكن الأثر استمر 10 دقائق فقط وفي تجربة أخرى على أطفال أعمارهم 3 سنوات اتضح أن هؤلاء الذين تلقوا دروساً في البيانو 6 أشهر كان أداؤهم أفضل من التخيل الفراغي ممن تلقوا دروساً في الكمبيوتر أو ممن لم يأخذوا أياً منها!
وانتشرت هذه الفكرة بشكل واسع في جورجيا وكلورادو- أهدت المستشفيات لآباء المواليد الجدد شرائط كاسيت وإسطوانات موسيقى للتشجيع لمستقبل أفضل للطفل! وانطلق البائعون في الترويج لموسيقى Mozart على وعد بأنها ترفع مستوى ذكاء الطفل- ولكن إلى اليوم لا يوجد دليل كاف على ذلك- سوى أن البدء مبكراً في تعلم الموسيقى يساعد في تكوين موسيقى ماهر!